Admin Admin
عدد الرسائل : 160 تاريخ التسجيل : 27/08/2007
| موضوع: تعلم حديث عن رسول الله_ كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل 13.09.07 19:18 | |
| بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم , الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين وأشهد أن لا إله إلاالله وحده لا شريك له رب العالمين وإله المرسلين وقيوم السموات والأرضين وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المبعوث بالكتاب المبين الفارق بين الهدى والضلال والغي والرشاد والشك واليقين إخوتي وأخواتي الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد ـ فإمتثالا لقول رسول الله صلي الله عليه وسلم " بلغوا عني ولو آية " نتدارس اليوم حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبي فقال كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل، وكان ابن عمر رضي الله عنهما يقول إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء وخذ من صحتك لمرضك ومن حياتك لموتك رواه البخاري هذا الحديث خرجه البخاري عن على بن المدنيي وخرج الإمام أحمد والنسائى من حديث الأوزاعي عن عبدة بن أبي لبابة عن ابن عمر قال أخذ النبي صلى الله عليه وسلم ببعض جسدي وقال اعبد الله كأنك تراه وكن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل وهذا الحديث أصل في قصر الأمل في الدنيا فإن المؤمن لا ينبغي له أن يتخذ الدنيا وطنا ومسكنا فيطمئن فيها ولكن ينبغي أن يكون فيها كأنه على جناح سفر يعني جهازه للرحيل وقد اتفقت على ذلك وصايا الأنبياء وأتباعهم قال تعالى حاكيا عن مؤمن آل فرعون أنه قال {إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ} غافر، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول مالي ولي الدنيا إنما مثلي ومثل الدنيا كمثل راكب قال في ظل شجرة ثم راح وتركها ومن وصايا المسيح عليه السلام لأصحابه أنه قال لهم اعبروها ولا تعمروها وروي عنه أنه قال من ذا الذي يبني على موج البحر دارا تلكم الدنيا فلا تتخذوها قرارا ودخل رجل على أبي ذر فجعل يقلب بصره في بيته فقال يا أبا ذر أين متاعكم فقال إن لنا بيتًا نتوجه إليه فقال إنه لا بد لك من متاع مادمت هاهنا فقال إن صاحب المنزل لا يدعنا هاهنا ودخلوا على بعض الصالحين فقلبوا بصرهم في بيته فقالوا إنا نري بيتك بيت رجل مرتحل فقال لا أرتحل ولكن أطرد طردا، وكان على بن أبي طالب رضي الله عنه يقول إن الدنيا قد ارتحلت مدبرة وإن الآخرة قد ارتحلت مقبلة ولكل منهما بنون فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا فإن اليوم عمل ولاحساب وغدا حساب ولا عمل قال بعض الحكماء عجبت ممن الدنيا مولية عنه والآخرة مقبلة إليه يشغل بالمدبرة ويعرض عن المقبلة وقال عمر بن عبدالعزيز في خطبته إن الدنيا ليست بدار قراركم كتب الله عليها الفناء وكتب الله على أهلها منها الظعن فكم من عامر موثق عن قليل يخرب وكم من مقيم مغتبط عما قليل يظعن فأحسنوا رحمكم الله منها الرحلة بأحسن مابحضرتكم من النقلة وتزودوا فإن خير الزاد التقوي وإذا لم تكن الدنيا للمؤمن دار إقامة ولاوطنا فينبغي للمؤمن أن يكون حاله فيها على أحد حالين إما أن يكون كأنه غريب مقيم في بلد غربة همه التزود للرجوع إلى وطنه أو يكون كأنه مسافر غير مقيم البتة بل هو ليله ونهاره يسير إلى بلد الإقامة فلهذا وصي النبي صلى الله عليه وسلم ابن عمر أن يكون في الدنيا على أحد هذين الحالين فأحدهما أن يترك المؤمن نفسه كأنه غريب في الدنيا يتخيل الإقامة لكن في بلد غربة فهو غير متعلق القلب ببلد الغربة بل قلبه متعلق بوطنه الذي يرجع إليه وإنما هو مقيم في الدنيا ليقضي مرمة جهازه إلى الرجوع إلى وطنه قال الفضيل بن عياض المؤمن في الدنيا مهموم حزين همه مرمة جهازه ومن كان في الدنيا كذلك فلا هم له إلا التزود بما ينفعه عند العود إلى وطنه فلا ينافس أهل البلد الذي هو غريب بينهم في عزهم ولا يجزع من الذل عندهم قال الحسن المؤمن كالغريب لا يجزع من ذلها ولا ينافس في عزها له شأن وللناس شأن لما خلق الله آدم عليه السلام أسكن هو وزوجته الجنة ثم أهبط منها ووعد بالرجوع إليها وصالحوا ذريتهما فالمؤمن أبدًا يحن إلى وطنه الأول وحب الوطن من الإيمان كما قيل: كم منزل للمرء يألفه الفتي وحنينه أبدًا لأول منزل ولبعض شيوخنا: فحي على جنات عدن فإنها *** منازلك الأولي وفيها المخيم ولكننا سبي العدو فهل تري *** نعود إلى أوطاننا ونسلم وقد زعموا أن الغريب إذا نأي *** وشطت به أوطانه فهو مغرم وأي اغتراب فوق غربتنا التي *** لها أضحت الأعداء فينا تحكم وكان عطاء السلمي يقول في دعائه اللهم ارحم في الدنيا غربتي وارحم في القبر وحشتي وارحم موقفي غدا بين يديك
قال الحسن بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه إنما مثلي ومثلكم ومثل الدنيا كقوم سلكوا مفازة غبراء حتى إذا لم يدروا ما سلكوا منها أكثر أو ما بقي أنفدوا الزاد وحسروا الظهر وبقوا بين ظهراني المفازة لا زاد ولا حمولة فأيقنوا بالهلكة فبينما هم كذلك إذ خرج عليهم رجل يقطر رأسه ماء فقالوا إن هذا قريب عهد بريف وما جاءكم هذا إلا من قريب فلما انتهى إليهم قال علام أنتم قالوا على ما تري قال أرأيتكم إن هديتكم على ماء رواء ورياض خضر ما تعملون قالوا لا نعصيك شيئًا قال أعطوني عهودكم ومواثيقكم بالله قال فأعطوه عهودهم ومواثيقهم بالله لا يعصونه شيئًا قال فأوردهم ماء ورياضا خضرا فمكث فيهم ما شاء الله ثم قال يا هؤلاء الرحيل قالوا إلى أين قال إلى ماء ليس كمائكم وإلي رياض ليست كرياضكم فقال جل القوم وهم أكثرهم والله ما وجدنا هذا حتى ظننا أن لن نجده وما نصنع بعيش خير من هذا وقالت طائفة وهم أقلهم ألم تعطوا هذا الرجل عهودكم ومواثيقكم بالله لا تعصونه شيئًا وقد صدقكم في أول حديثه فو الله ليصدقنكم في آخره قال فراح فيمن تبعه وتخلف بقيتهم فنزل بهم عدو فأصبحوا بين أسير وقتيل خرجه ابن أبي الدنيا وخرجه الإمام أحمد من حديث على بن زيد بن جدعان عن يوسف بن مهران عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم بمعناه مختصرًا
فهذا المثل في غاية المطابقة بحال النبي صلى الله عليه وسلم مع أمته فإنه أتاهم والعرب إذ ذاك أذل الناس وأقلهم وأسوأهم عيشا في الدنيا وحالا في الآخرة فدعاهم إلى سلوك طريق النجاة وظهر لهم من براهين صدقه كما ظهر من صدق أمر الذي جاء إلى القوم الذين في المفازة وقد نفد ماؤهم وهلك ظهرهم برؤيته في حلة رجلًا يقطر رأسه ماء ودلهم على الماء والرياض المعشبة فاستدلوا بهيئته وجماله وحاله على صدق مقالته فاتبعوه ووعد من اتبعوه بفتح بلاد فارس والروم وأخذ كنوزها وحذرهم من الاغترار بذلك والوقوف معهم وأمرهم بالتجزي من الدنيا بالبلاغ والجد والاجتهاد في طلب الآخرة والاستعداد لها فوجدوا ما وعدهم به حقا كله فلما فتحت عليهم الدنيا كما وعدهم اشتغل أكثر الناس بجمعها واكتنازها والمنافسة فيها ورضوا بالإقامة فيها والتمتع بشهواتها وتركوا الآخرة الاستعداد للآخرة التي أمرهم بالجد والاجتهاد في طلبها وقبل قليل من الناس وصيته في الجد في طلب والاستعداد لها فهذه الطائفة القليلة نجت ولحقت نبيها صلى الله عليه وسلم في الآخرة حيث سلكت طريقته في الدنيا وقبلت وصيته وامتثلت ماأمرت به وأما أكثر الناس فلم يزالوا في سكرة الدنيا والتكاثر فيها فشغلهم ذلك عن الآخرة حتى فاجأهم الموت بغتة على هذه الغرة فهلكوا وأصبحوا مابين قتيل وأسير
وماأحسن قول يحيى بن معاذ الرازي الدنيا خمر الشيطان من سكر منها لم يفق إلا في عسكر الموت نادمًا مع الخاسرين
وأما الحال الثاني فهو أن يترك المؤمن نفسه في الدنيا كأنه مسافر غير مقيم البتة وإنما هو سائر في قطع منازل السفر حتى ينتهي به السفر إلى آخره وهو الموت ومن كانت هذه حاله في الدنيا فهمته تحصيل الزاد للسفر فليس له همة للاستكثار من طلب متاع الدنيا ولهذا وصي النبي صلى الله عليه وسلم جماعة من أصحابه أن يكون بلاغهم من الدنيا كزاد الراكب
قيل لمحمد بن واسع كيف أصبحت قال ما ظنك برجل يرتحل كل يوم مرحلة إلى الآخرة وقال الحسن إنما أنت أيام مجموعة كلما مضي يوم مضي بعضك. وقال ابن آدم إنما أنت بين مطيتين يوضعانك يوضعك الليل إلى النهار والنهار إلى الليل حتى يسلمانك إلى الآخرة فمن أعظم منك يا ابن آدم خطرا وقال الموت معقود بنواصيكم والدنيا تطوي من ورائكم قال داود الطائي إنما الليل والنهار مراحل ينزلها الناس مرحلة مرحلة حتى ينتهي ذلك بهم إلى آخر سفرهم فإن استطعت أن تقدم في كل مرحلة زادا لما بين يديها فافعل فإن انقطاع السفر عن قريب ما هو والأمر أعجل من ذلك فتزود لسفرك واقض ما أنت قاض من أمرك فكأنك بالأمر قد بغتك سبيلك في الدنيا سبيل مسافر *** ولا بد من زاد لكل مسافر ولا بد للإنسان من حمل عُدة *** ولا سيما إن خاف صولة قاهر وقال بعض الحكماء كيف يفرح بالدنيا من يومه يهدم شهره وشهره يهدم سنته وسنته تهدم عمره كيف يفرح من يقوده عمره إلى أجله وتقوده حياته إلى موته. وقال الفضيل بن عياض لرجل كم أتت عليك قال ستون سنة قال فأنت منذ ستين سنة تسير إلى ربك يوشك أن تبلغ فقال الرجل إنا لله وإنا إليه راجعون فقال الفضيل أتعرف تفسيره تقول إنا لله وإنا إليه راجعون فمن عرف أنه لله عبد وأنه إليه راجع فليعلم أنه موقوف ومن علم أنه موقوف فليعلم أنه مسئول ومن علم أنه مسئول فليعد للسؤال جوابا ، فقال الرجل فما الحيلة قال يسيرة قال ما هي قال تحسن فيما بقي يغفر لك ما مضي فإنك إن أسأت فيما بقي أخذت بما مضي وما بقي وفي هذا المعنى قال بعضهم: وإن المرء قد سار ستين حجة *** إلى منهل من ورده لقريب قال بعض الحكماء من كانت الأيام والليالي مطاياه سارت به وإن لم يسر وفي هذا قال بعضهم: وما هذه الأيام إلا مراحل *** يحث بها داع إلى الموت قاصد وأعجب شيء لو تأملت أنها *** منازل تطوي والمسافر قاعد وقال آخر: و يا ويح نفس من نهار يقودها *** إلى عسكر الموتي وليل يذودها قال الحسن: لم يزل الليل والنهار سريعين في نقص الأعمار وتقريب الآجال هيهات قد صحبا نوحًا وعادًا وثمودًا وقرونًا بين ذلك كثيرًا فأصبحوا قد أقدموا على ربهم ووردوا على أعمالهم وأصبح الليل والنهار غضين جديدين لم يبلهما ما مرا به مستعدين لمن بقي بمثل ما أصاب به من مضي. وكتب الأوزاعي إلى أخ له أما بعد فقد أحيط بك من كل جانب واعلم أنه يسار بك في كل يوم وليلة فاحذر الله والمقام بين يديه وأن يكون آخر عهدك به والسلام. نسير إلى الآجال في كل لحظة *** وأيامنا تطوي وهن مراحل ولم أر مثل الموت حقا كأنه *** إذا ما تخطته الأماني باطل وما أقبح التفريط في زمن الصبا *** فكيف به والشيب للرأس شاعل ترحل من الدنيا بزاد من التقي *** فعمرك أيام وهن قلائل [center] | |
|